رحل في مثل هذا اليوم

كان عمره 47 عاما، وكان متزوج وأب لثلاثة أطفال كلهم كانوا دون الخامسة من العمر.
أستاذ علوم الحاسوب في جامعة كارنيجي ميلون في بيتسبرغ في ولاية بينسيلفينيا.
 صنف من قبل محطة ABC
من أفضل 3 شخصيات في العالم علم 2007.


"راندي باوش"
أكُتشف أنه يعاني من سرطان البنكرياس وأمامه فقط 3 إلى 6 شهور كي يعيشها.
 عندما بدأت الجامعة سلسلة محاضرات بعنوان رحلات Journeys
 يذكر فيها أساتذة الجامعة تجربتهم الشخصية ورحلتهم في النجاح، إحدى المحاضرات كانت له عرفت ب:
"المحاضرة الأخيرة"
 بعنوان :
"حقق أحلام طفولتك"
وكانت من نوع آخر. أصدرت بعدها دار نشر هايبيرن كتاباً مبنى على المحاضرة
 وكان الكتاب علي قائمة نيويورك تايمز للكتب الحاصلة على أفضل مبيعات.
كان عدد الحاضرين لها هائلاً ، حشود كبيرة.
 بدأ المحاضرة بالإشارة إلى أنه في وضع صحي ممتاز من خلال عمل تمارين الضغط باليدين،
ثم إشارته إلى أنه لا يملك اختيار القدر ولكنه يملك كيفية التعامل معه، هذا عدا إخلاصه وجهده في إعداد وإلقاء المحاضرة،
والدروس التي تعلمها في حياته، وإظهاره لتقديره لزوجته، وخاتمته المؤثرة بخصوص أطفاله الثلاثة، وفوق هذا مرحه أثناء هذه
الفترة الحرجة.


أخبرهم أنه تاركهم وذاهب ، لم يذرف دموعا بل كان الأكثر قوة وحزماً.
كانت محاولته لدفع الجميع على إكمال حياتهم وما بدؤوا به .. بدونـه.
ثم تحدث لهم عن حياته وكثرة الاحباطات والمحاولات الفاشلة التي مر بها، وكيف أنه رُفض في
أكثر من جامعة دون أن يفقد الأمل، ثم ذكر موقفا أثر فيه كثيرا، وذلك أنه اشتكى إلى والدته صعوبة
إحدى المواد في الجامعة ،فقالت له: ( في مثل عمرك، كان والدك يقاتل الألمان في الحرب العالمية الثانية).
وكانها شحنته بطاقة هائلة وقال لنفسه لأحاول بلا يأس فانا في أسوأ الأحوال لن أتلقى رصاصة طائشة 
أو أموت من العطش أو التعذيب !.


ثم ذكر لهم قصة امرأة وقعت في قروض متزايدة، واصيبت بحالة من القلق والاضطرابات وكي تستطيع التغلب
على هذه الضغوط حجزت عند معالج باليوجا، وقال لهم لو أن هذه المرأة صرفت وقتها في عمل إضافي بدلا
من اليوغا لدفعت قروضها كاملة. إننا يجب أن نحل المرض (القروض) بدلا من أن ندور حول أعراضه (الضغوط) .





ثم وجه حديثا للآباء والمربين يدعوهم لإكتشاف الإبداعات في أبنائهم، فيقول:
دعوا أبنائكم يُخرجوا ما لديهم، لا تكتموا مواهبهم وتكبتوها، دعوهم يرسموا على جدران غرفهم،
ويلونوها بما يريدون من الألوان،
 إن هذه هي الطريقة الطبيعية للأبناء كي يعبروا عن آرائهم واستكشافاتهم، ومنع الأبناء هنا بأي حجة،
يأتي بنتائج خطيرة،
 فقط أنظروا للحياة وامتلاء شوارع الحكومات القمعية بالكتابات على الجدران ؟! .

لقد فعلت هذا وأنا صغير،لم يغضب أبواي مني، بل ينظرون إلى ما أفعله وهم يبتسمون في تشجيع .

ثم أكمل قائلا : دعوني أقص لكم موقفا حدث لي قبل سنوات، حينها كنت في زيارة لأختي بسيارتي الجديدة،
وعندما هممت بأخذ جولة أنا وأبنائها الصغار، جاءت إليهم وهي تحذرهم قائلة : حافظوا على سيارة خالكم نظيفة، 
إنها جديدة، لا يجب أن تقفزوا، أو تفتحوا النوافذ، أو تأكلوا الأيس كريم كي لا تفسدوا شيئا، وتكرر هذه التحذيرات
أكثر من مرة .

هل تدرون ما الذي فعلته بعدما سمعت هذه التحذيرات ..!؟
لم أعبر لها عن امتناني أو شكري لهذه التنبيهات، بل أمسكت بأحد المشروبات الغازية وفتحتها،
ثم سكبت محتواياتها في السيارة !.ليس في الأمر جنون،
 لقد اكتشفت أن ما يقف حائلا أمام حركة الإنسان فلا يدعه ينجح،
هو تلك التعليمات الكثيرة التي تلقاها طوال حياته .
لقد أحببت أن أخبر أختي وأبنائها والجميع "أن الإنسان أهم من الأشياء" .
ثم أعطى درسا آخر من دروس الحياة مفاده أن النظر إلى الانسانيات والعواطف 
شيء يجب أن يوضع في الحسبان،
 فيحكي أنه في بداية عمله كان يشرف على أحد الطلاب المميزين في مواد الحاسوب
 لكنه لم يهتم بمادة أخرى فرسب فيها،
وكاد أن يطرد، فما كان من راندي إلا أن ذهب للعميد وأخبره أن الطالب له قدرات غير طبيعية 
في التعامل مع الحاسوبوأنه يستطيع تجاوز المادة وطلب منه أن يبقى،
 فرد العميد بالموافقة ولكن اذا لم يفلح الطالب فإنك قد لا يتم تثبيتك في القسم ،
فوافق على ذلك !.إنه هنا ضحى بمستقبله وراهن على شخص آخر، ولم يخيب الله ظنه .

أنهى حديثة قائلا بأن هذه المحاضرة هي خارطة طريق لأبنائه الثلاثة،
 ثم ودع الجميع مبتسما، وأنهى حواره وسط تصفيق تلاميذه ودموعهم .
ورحل عن دنيانا يوم الجمعة 25 يوليو 2008 عن 47 عاما .


معظم الجمل اقتبستها من كتاب
"ما لم يخبرني به أبي عن الحياة"




اقتباسات من قاموسه:
 أن المرء ليس بعدد السنين التي يحياها إنما بما يعمل
أن الشخص عند وفاته لن يندم على ما قام به ولكن على ما لم يقم به
على كل واحد فينا أن يبحث عن أمر يهواه مهما طالت مدة البحث بدلا من انتظار الأجل
أنك لن تجد ما تهواه بامتلاك الأمور المادية أو المال إذ سيكون هناك دائما من يمتلك أكثر منك
أن ما يمد هواك بالوقود يجب أن يأتي من داخلك
أكد على أهمية ارتباط هواك بالناس وبعلاقاتك معهم
وختم كيف أن زوجته كان هواه في حياته...



شخص عرفه الكثيرون من محاضرته ، وأنا من المعجبين بشخصيته.
أجزم بأن هناك الكثيرون كانوا بنفس الوضع ، ولكنهم آثروا الرحيل الصامت.

تعليقات

  1. رائع جدا ليتنا ننظر بداخلنا و نتبع الصوت الذي ينبع من داخلنا ليقودنا الى ما نريد و لا نكبت مثل هذا الصوت او نجعل الاخرين يثبطون عزائمنا
    تسلم ايديكي و بجد كلامك فرق معايا و جه ف وقته :)

    ردحذف
  2. اوبرا وينفرى كانت عاملة حلقة زمان عن راندى باوش و عرضت جزء من محاضرته الأخيرة و كانت مؤثرة جدا
    دة راجل من الناس إللى بيسيبوا أثر حتى بعد ما يموتوا
    تحياتى

    ردحذف
  3. أفكار مبعثرة
    أجزم بأن صوت داخلك وصل إلي
    شكرا لثنائك لي
    أتمنى لك التوفق للسير للأمام
    :)

    شهرزاد المصرية
    اوبرا من الأشخاص الذين يضرب بهم المثل
    كيف كانت وأين أصبحت
    أذكر تلك الحلقة

    شكرا لكما

    ردحذف
  4. صباح الخير
    شخصية مؤثره فعلاً

    تحياتى لكِ

    ردحذف
  5. صباحك رضا

    شكرا لك على مرورك

    ردحذف

إرسال تعليق

كل ما تود أن تقوله ليـ ...
استقبله هنا ... بواسع ترحابـ
واهلا بكـ